الاثنين، 27 نوفمبر 2017

معنى أيد وبيان بطلان قول الحشّــوية المجسّمة


معنى أيد وبيان بطلان قول 
 الحشّــوية المجسّمة 


الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين ، وبعد فاعلم هديت مراتب الرشد ومنافع العلوم ، أنه وبعدما أشرقت شمس الحقيقة حاولت الحشوية التلبيس على عوامها بأن (أيد) في قوله تعالى :
(والسماء بنيناها بأيد ) أي قوة .

وقولهم هذا فراراً من الإلزام الذي ألزموا به أنفسهم ولم يلتزموا به ، كما قالوا في التثنية لقوله تعالى ( بل يداه مبسوطتان ) ، قلنا : التنثية لا تعني إثبات اليد الحقيقة من لحم وعصب وأعواد ، وإلا لزمكم الأخذ بقوله تعالى ( والسماء بنيناها بأيد ) فهنا يتضح الكلام أن ( يــد ) مفرد ، وجمعها ( أيــد ) ، وهذا إلزام لهم القول بالجمع فينتقض مذهبهم من جذوره ، كما يزعمون دون تعطيل ولا تمثيل ولات تشبيه ولا تخميس .

وقد قرأت احتجاج ابن تيمية الحراني شيخ إسلام الحشوية متعلالا بالإبانة المنسوبة كما يذهب بعضهم وذهب الآخرون بتحرفيها ، بقول أبي الحسن الأشعري ، قال الحراني: " 3/342
( أن الأيــد ليس بجمع لليد لأن جمع يـد أيـدي ، و جمع اليد - التي هي نعمة - أيادي ، و إنما قال تعالى : لما خلقت بيدي ؛ فبطل بذلك أن يكــون معنى قوله : " بيدي " معنى قوله : " بنيناها بأيد ").

▪هنا تذكرت كلام العلامة ابن جهبل الشافعي عن الحشوية كما نقل عنه السبكي في طبقات الشافعية صــ 36 حيث قال ما نصه: 
🔸 ثم الحشوية إذا بحثوا في مسائل أصول الدين مع المخالفين تكلموا بالمعقول وتصرفوا في المنقول فإذا وصلوا إلى الحشو تبلدوا وتأسوا فتراهم لا يفهمون بالعربية ولا بالعجمية كلا والله والله لو فهموا لهاموا ولكن اعترضوا بحر الهوى فشقوه وعاموا وأسمعوا كل ذي عقل ضعيف وذهن سخيف.



 قلت سبحان الله لم كل هذا الإنكــار والمكــابرة : بل أن اليد في لغة العر تجمع على :-
( أَيْدٍ ، و يدِيٌّ ، و أيادٍ ،يَدّ ، يَد )
 
   ♻ وهنا نبطل زعمهم بأن الأيد ليست جمعاً لــ يد بالدليل
🔹 قال الحق تبارك وتعالى في كتابه العزيز ( أَمْ لَهُمْ أَيْدٍ يَبْطِشُونَ بِهَا أَمْ لَهُمْ أَعْيُنٌ يُبْصِرُونَ بِهَا أَمْ لَهُمْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا) الأعراف 195


فنجد النسق القرآني البديع من خلال السياق أن الأيد في النص هي جمع لكلمة يد! ولا مانع من عرض كتب اللغة حتى تكون الحجة واضحة وكافية لكل باحث عن الحق.


🔹 جاء في العين للفراهيدي 8 / 102 : (وأيداه الله ، والمصدر اليد أو الأيد .....
وجمع يد الإنسان والأشباح أيدي ، وجماع يد النعمة أيادٍ ويديُّ ...)



🔹 وقال الإمام ابن عاشور المالكي : (والأَيْد : القوة. وأصله جَمع يد ، ثم كثر إطلاقه حتى صار اسماً للقوة ، وتقدم عند قوله تعالى : (واذكر عبدنا داود ذا الأيد) في ســورة ( ص)  
والمعنى : بنيناها بقدرة لا يقدر أحد مثلها) التحرير والتنوير 27 / 16




🔹وفي المقتضب للمبرد 1 / 367 : (وأما (يد) فتقديرها (فعْل) ساكن العين ؛ لأنك تقول (أيْد) في الجمع ، وهذا جمع فعْل)


🔹وقال ابن سيده : (والأيادي جمع أيد التي هي جمع يد ) راجع
 المحكم والمحيط الأعظم 3 

🔹قال الفيروزآبادي : (اليد : الكف ، أو من أطراف الأصابع إلى الكتف ، جمعها : أيدٍ ويُديّ) القاموس المحيط ص1347 / مادة يد.



🔹وقال المرتضى الزبيدي : (أياد هو جمع أيد) تاج العروس شرح القاموس 40/ 340 

▪هنا بطل احتجاج الحشوية الوهابية ونعود لبيان الآيات التي يهربون منها في إثبات صفة اليد كون الحشوية يقولون يدان وهنا ينتقض قولهم لأن المراد جمع في الأيد .

🔹قال تعالى : ( مما عملت أيدينا) فالأيد هنا على ظاهرها جمع يد فيلزمهم القول بالظاهر بأن لله أيد كثيرة وينتقض مذهبهم .

♻وأما أن يقولوا مجازا ووقعوا مما فروا منه♻

👈 وقوله تعالى: 
( أم لهم أيد يبطشون) فالأيد هنا جمع يد والمراد الجارحة أصنام لا رجل ولا يد ولا عين، ويلزمهم القول أن المراد بذلك ( القوة ) حتى تضحك الثكلى عليهم، كما قالوا في قوله (والسماء بنيناها بأيد) .


🔹ولا سبيل لكم لإثبات الجوارح لله تعالى بالتأويل فأما أن تلتزم الحشوية بما يدينون به الأخذ بالظاهر كما في بقية الصفات المبتدعة والتي يثبتونها لله الواحد الديان وأما أن يقولوا بالتأويل والمجاز ويرجعوا لقول أهل الحق فلينظروا لأنفسهم السلامة.


▪ أما تلبيسكم على عوامكم فهذا بات مكشوفاً لكل ذي عينين وحيثما توجه الحشوية خصموا وبانت حقيقتهم والحمد لله رب العالمين .


والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته 

هناك 12 تعليقًا:

  1. قال في لسان العرب : الأَيْدُ والآدُ جميعاً: القوة؛ قال العجاج: من أَن تبدّلت بآدِي آدا يعني قوّة الشباب.سان العرب - ابن منظور - ج ٣ - الصفحة ٧٦

    ٢

    قال الخليل الفراهيدي في كتاب العين:

    أيد، إدي: الايد: القوة، وبلغة تميم الآد، ومنه قيل: أد فلان فلانا إذا أعانه وقواه. والتأييد: مصدر أيدته أي قويته. وقوله تعالى: (والسماء بنيناها بأيد) أي بقوة. اهــ


    ٣

    في المعجم الوسيط :

    ( آد )
    أيدا و آدا قوي و اشتد فهو أيد و ذو أيد و في التنزيل العزيز ( والسماء بنيناها بأيد ) و في المثل الكيد أبلغ من الأيد. اهــ

    ردحذف
  2. ولذلك تقول أيّد فلان فلانا بمعنى أنه قواه، وتقول هل تؤيدني في هذا؟ يعني بمعنى هل يكون رأيك مع رأيي في هذا الموضوع فيقوى به.
    وفي القرآن {وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ}(سورة البقرة:87).

    ردحذف
  3. قال الشنقيطي رحمه الله :

    قوله تعالى في هذه الآية الكريمة {بَنَيْنَـٰهَا بِأَيْدٍ}، ليس من آيات الصفات المعروفة بهذا الاسم، لأن قوله {بِأَيْدٍ} ليس جمع يد: وإنما الأيد القوة، فوزن قوله هنا بأيد فعل، ووزن الأيدي أفعل، فالهمزة في قوله: {بِأَيْدٍ} في مكان الفاء والياء في مكان العين، والدال في مكان اللام. ولو كان قوله تعالى: {بِأَيْدٍ} جمع يد لكان وزنه أفعلاً، فتكون الهمزة زائدة والياء في مكان الفاء، والدال في مكان العين والياء المحذوفة لكونه منقوصاً هي اللام.
    والأيد، والآد في لغة العرب بمعنى القوة، ورجل أيد قوي، ومنه قوله تعالى {وَأَيَّدْنَـٰهُ بِرُوحِ ٱلْقُدُسِ} أي قويناه به، فمن ظن أنها جمع يد في هذه الآية فقد غلط فاحشاً، والمعنى: والسماء بنيناها بقوة ) انتهى أضواء البيان

    ردحذف
  4. قال الإمام ابن خزيمة: "وزعمت الجهمية المعطلة، أن معنى قوله:  بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ [المائدة:64]  أي النعمتان، وهذا تبديل لا تأويل.
    والدليل على نقض دعواهم هذه أن نعم الله كثيرة لا يحصيها إلا الخالق الباري، ولله يدان لا أكثر منهما... فمن زعم أنه خلق آدم بنعمته كان مبدلاً لكلام الله تعالى.
    وقال الله عز وجل: وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ [ الزمر:67].
    أفلا يعقل أهل الإيمان: أن الأرض جميعاً لا تكون قبضةَ إحدى نعمتيه يوم القيامة، ولا أن السموات مطويات بالنعمة الأخرى؟.
    ألا يعقل ذوو الحجا من المؤمنين، أن هذه الدعوى التي يدعيها الجهمية جهل أو شر من الجهل؟!! بل الأرض جميعاً قبضة ربنا جل وعلا بإحدى يديه يوم القيامة والسموات مطويات بيمينه، وهي اليد الأخرى وكلتا يديه يمين"  (24) 

    ((كتاب التوحيد)) (1/197).

    .

    ردحذف
  5. قال الإمام ابن خزيمة (311هـ) "وافهم ما أقول من جهة اللغة تفهم وتستيقن أن الجهمية مبدلة لكتاب الله، لا متأولة قوله: بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ [ المائدة:64] لو كان معنى "اليد" النعمة  -  كما ادعت الجهمية  -  لقرئت: (بل يداه مبسوطة)، أو منبسطة، لأن نعم الله أكثر من أن تحصى، ومحال أن تكون نعمة نعمتين لا أكثر  -  فلما قال عز وجل: بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ [ المائدة:64] كان العلم محيطاً أنه أثبت لنفسه يدين لا أكثر منها... بيقين يعلمُ كل مؤمن أن الله لم يرد بقوله: غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ أي غلت نعمهم لا ولا اليهود أن نعم الله مغلولة، وإنما رد الله عليهم مقالتهم وكذبهم في قولهم: يَدُ اللّهِ مَغْلُولَةٌ وأعلم المؤمنين أن يديه مبسوطتان"  (22) 

    ((كتاب التوحيد)) لابن خزيمة (1/198، 118).

    .

    ردحذف
  6. قوله تعالى: يَا إِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَن تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ[ص: 7].
    فهذه الآية صريحة في إثبات اليدين لله على الحقيقة وتمنع احتمال كل تأويل ومجاز قال الإمام ابن خزيمة: "وزعم بعض الجهمية أن معنى قوله: "خلق الله آدم بيديه": أي بقوته فزعم أن "اليد" هي القوة، وهذا من التبديل أيضاً، وهو جهل بلغة العرب، والقوة إنما تسمى "الأيد" في لغة العرب، لا "اليد" فمن لا يفرق بين "الأيد" و"اليد" فهو إلى التعليم والتسليم إلى الكتاتيب أحوج منه إلى الترؤس والمناظرة.
    قد أعلمنا الله عز وجل أنه خلق السماء بأيد، و"اليد واليدان" غير "الأيد" إذ لو كان الله خلق آدم بأيد كخلقه السماء دون أن يكون الله خص خلق آدم بيديه لما قال: لإبليس مَا مَنَعَكَ أَن تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ.
    ولا شك ولا ريب أن الله عز وجل قد خلق إبليس  -  عليه لعنة الله  -  أيضاً بقوته، أي إذا كان قوياً على خلقه فما معنى قوله:   مَا مَنَعَكَ أَن تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ  [ ص:75]؟.
    عند هؤلاء المعطلة، والبعوض، والنمل، وكل مخلوق فالله خلقهم عنده بأيد وقوة"  (23) 

    ((كتاب التوحيد)) (1/199).

    .

    ردحذف
  7. المخالفون لأهل السنة والجماعة من المعطِّلة - كالجهمية والمعتزلة - يُؤَوِّلُون صفة اليدين، ويقولون: المراد بها القدرة، أو النعمة، أو القدرة والنعمة، وتقدَّم أن من أَوَّل صفة من الصِّفَات فقد عطَّلها عن معناها الحقيقي؛ ولذا نقول: هم معطِّلة أيضًا، وهذا أشهر تأويلاتهم: أن المراد باليدين النعمة والقدرة، وهناك تأويلاتٌ أخرى لهم، فيؤولونها بـ(القوة، والملك، والسلطان، والرزق، والخزائن، والبركة، والكرامة، والعناية)، ولكن كما تقدَّم: أن أشهر تأويلاتهم النِّعمة والقدرة، فهذا قول الجهمية، والمعتزلة، ومتأخري الأشاعرة، ويسمون (الأشاعرة المحضة)، بخلاف متقدمي الأشاعرة فهم يُثْبِتُون صفة اليدين ولا يُؤَوِّلونها.


     

    والرد عليهم من وجوه:

     

    1- أن تفسيرَ اليدِ بالقدرة والنعمة مخالفٌ لظاهر لفظ الآية، ولا دليل على هذا التأويل.


     

    2- أنه مخالفٌ لإجماع السلَف، فلا يُعْرَفُ أحدٌ أَوَّلَهَا بالقدرة والنِّعمة.


     

    3- أنَّ تأويلها بالقُدرة والنِّعمة ممتنعٌ في بعضِ الآيات؛ مثال ذلك قوله تعالى: ﴿لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ﴾، اليد جاءت بالتثنية، وتأويلها بالنعمة يلزم أن تكونَ النعمة نعمتين فقط، وهذا ممتنع؛ لأن نعم الله لا تُحْصَى؛ قال تعالى: ﴿وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا﴾ [النحل: 18]، وأيضًا تأويلها بالقدرة يستلزم أن يكون له سبحانه قدرتان، ولا يجوز أن يكون له سبحانه قدرتان بإجماع العلماء، فهذا لا يقوله أحدٌ، وكذلك في قوله: ﴿بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنْفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ﴾، يلزم أن يكون له قدرتان، تعالى الله عن ذلك عُلُوًّا كبيرًا


    ردحذف
  8. لو كانت اليد بمعنى القدرة، لم يكن بين آدم وإبليس فرقٌ لتشاركهما فيما خلق كل منهما به وهي قدرته، ولقال إبليس: وأي فضيلة له علي وأنا خلقتني بقدرتك كما خلقته بقدرتك، فلما قال: ﴿خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ﴾ [الأعراف: 12]، دلَّ على اختصاص آدم بأن الله خلقه بيديه، ولا جائز أن يراد باليدين النعمتان؛ لاستحالة خلق المخلوق بمخلوق؛ لأن النعم مخلوقة

    ردحذف
  9. قال الطبري في تفسيره : 24962 حدثني علي ، قال : ثنا أبو صالح ، قال : ثني معاوية ، عن علي ، عن ابن عباس ، قوله : { والسماء بنيناها بأيد } يقول : بقوة

    ردحذف
  10. من السنة الصحيحة المحكمة الصريحة:
    1- قوله صلى الله عليه وسلم من حديث أنس في الشفاعة الكبرى: ((يا آدم أما ترى الناس خلقك الله بيديه، وأسجد لك ملائكته))  (25) . الحديث.
    2- وقوله صلى الله عليه وسلم في تحاجّ آدم وموسى عليهما السلام: ((قال له آدم: يا موسى اصطفاك الله بكلامه وخط لك بيده))  (26) .
    3- وقوله  صلى الله عليه وسلم: ((يد الله ملأى))  (27) وفي رواية ((يمين الله)) ((لا يغيضها نفقة سحاء الليل والنهار... وبيده الأخرى الميزان، يخفض ويرفع))  (28) .
    4- وقوله صلى الله عليه وسلم: ((يقبض الله الأرض، ويطوي السماوات بيمينه ثم يقول: أنا الملك، أين ملوك الأرض؟))  (29) .
    5- ومثله من حديث ابن عمر رضي الله عنهما.
    6-  وقوله صلى الله عليه وسلم: ((ما تصدق أحد بصدقة من طيب، ولا يقبل الله إلا الطيب، إلا أخذها الرحمن بيمينه، وإن كانت تمرة فتربو في كف الرحمن حتى تكون أعظم من الجبل، كما يربي أحدكم فُولُوُّه أو فصيله))  (30) .
    7- وقوله صلى الله عليه وسلم: ((تكون الأرض يوم القيامة خبزة واحدة يتكفؤها الجبار بيده كما يكفأ أحدكم خبزته في السفر، نزلاً لأهل الجنة))  (31) . [12] رواه مسلم ( 1690).

    [13] رواه البخاري (7451)، ومسلم (2786).

    [14] رواه مسلم ( 2654 ).

    [15] رواه أحمد (5 /243)، والترمذي (3235)، وصححه والألباني.

    ردحذف
  11. قال أبو حسن الأشعري في كتابه الإبانة :


    وقد اعتل معتل بقول الله تعالى ( 1 / 130 ) : ( والسماء بنيناها بأيد ) من الآية ( 47 / 51 ) قالوا : الأيد القوة فوجب أن يكون معنى قوله تعالى : ( بيدي ) بقدرتي قيل لهم : هذا التأويل فاسد من وجوه :

    أحدها : أن الأيد ليس جمع لليد لأن جمع يد أيدي وجمع اليد التي هي نعمة أيادي وإنما قال تعالى : ( لما خلقت بيدي ) من الآية ( 75 / 38 ) فبطل بذلك أن يكون معنى قوله : ( بيدي ) معنى قوله : ( بنيناها بأيد )
    وأيضا فلو كان أراد القوة لكان معنى ذلك بقدرتي وهذا ناقض لقول مخالفنا وكاسر لمذهبهم لأنهم لا يثبتون قدرة واحدة فكيف يثبتون قدرتين . ( 1 / 132 )
    وأيضا فلو كان الله تعالى عنى بقوله : ( لما خلقت بيدي ) القدرة لم يكن لآدم صلى الله عليه وسلم على إبليس مزية في ذلك والله تعالى أراد أن يرى فضل آدم صلى الله عليه وسلم عليه إذ خلقه بيديه دونه ولو كان خالقا لإبليس بيده كما خلق آدم صلى الله عليه وسلم بيده لم يكن لتفضيله عليه بذلك وجه وكان إبليس يقول محتجا على ربه : فقد خلقتني بيديك كما خلقت آدم صلى الله عليه وسلم بهما فلما أراد الله تعالى تفضيله عليه بذلك وقال الله تعالى موبخا له على استكباره على آدم صلى الله عليه وسلم أن يسجد له : ( ما منعك أن تسجد لما خلقت بيدي أستكبرت ؟ ) ( 75 / 38 ) دل على أنه ليس معنى الآية القدرة إذ كان الله تعالى خلق الأشياء جميعا بقدرته وإنما أراد إثبات يدين ولم يشارك إبليس آدم صلى الله عليه وسلم في أن خلق بهما . ( 1 / 133 )


    الإبانة الأشعري [ جزء 1 صفحة 133 ]

    ردحذف