< نونيـــــــــة ( ابن النضــــــر ) وتمسك الحشـــوية بهــا كتمسك الغريـــق بقشة، شبهـــة طال عهدها وآن أوان نقضها >
(أنصـــار الحق)
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالَمين، وأشهد أن لا إله غَيْرُه، له الملك وله الأمر سبحــــانه، وأصلي صلاة وتسليمــا يليقان بمقام أمير الأنبياء وأفضل خلق الله أجمعين، وارحم اللهم والديناا وأمواتنا ومشايخنا مشايــخ العلم والدين ومن سلك سبيلهم على منبع الهـــدى من عصر النبوة وفي كل عصر ومصـــر، وبعد !!
فقد وجدتُ الحشوية (الوهــــابية) يدنـــــدنون ليل نهــــار على (نونيــــة ابن النضر العماني الإباضي) رحمه الله تعالى ( للنيل من أصحابه الإباضية ) ، وحقيقة أن المتتبع لحال الحشـــــوية يدرك تمام الإدراك أن هؤلاء القوم تائهــــــون في ظلمات الـــــردى، وغارقــــون في بحار الغوايــــة وليس بمستعجب ولا مستغرب ابتلاء الحنـــــــابلة بهم وابتلاء الأشعرية بهم بل وابتلاء أمة الصلاة كافـة بهم، فالكذب لنصرة مذهبهم الضـال طبائع وصنائع ووظائف وشنائع.
ونحن بعون الله نثبت للقـــــارئ الكريم من كــــــلام أئمة المذهب رضوان الله عليهم ما يثبت أن النونية ( بـاطلة ) ولا تصح نسبتهاا لابن النضر رحمه الله.
أقول وبالله أستعين وعليه أتوكل :أما نونية ابن النضر العماني (فهي لا تصح نسبتها إليه وقد أشار علماء ومؤرخو المذهب الإباضي بذلك) ومنهم:
- الإمام ( نور الديــــن السالمي ) رضي الله عنه فقد أشار إلى بطلانها في عدة مواضع من كتبه وهي :-
أولا: - قال الإمـــام نور الدين السالمي في ( مشارق أنوار العقــول ) في الجزء 2 الصفحة 324 طبعة مكتبة الاستقامة ما نصه :
"ونظــــم نونية عزاها إلى ابن النظر وحاشـــــاه من ذلك فــــإن مذهبه رحمه الله تعالى معروف... ومن نسب إليه ذلك فقد رماه بكبيرة لأنه زعم أن ابن النظر يقول أن الكلام الفعلي قديم ولم يقل به أحد من المسلمين إلا الحنابلة ....وقد عارض أخـــونا الراشـديي رحمــــه الله تعالى هذه النونيــــة بنونيـــة أخرى أصاب فيها فصل الخطاب سمـــــاها
( فيض المنان في الرد على من ادعى قدم القرآن) ، أولها :
أنكرت جهلا فطرة القرآن *** وجعلت كالمولى قديم ثاني .
ولئن من الله علي لأكتبن عليها شرحاً يفتح مغلقها ويشهد بصوابها " أ.هــ
ثانيا :- قال الإمام السالمي رحمه الله في الجوابات (الجـــزء الأول الصفحـــة 219) طبعة مكتبة الإمام السالمي ما نصّه:
"لكن ليست تلك النونيــــة عن ذلك الإمام -رحمه الله تعالى- وإن اشتهــرت أنها عنه، فتلك الشهرة إنما هي شهرة دعوى لا شهرة حق لاحتمــــال أن يكون منشؤها أحــاديا، ولا دليل على أنه ليس بأحادي كيف تكون شهرة حق ما كان مستندها إلا نسخـــــــة ثم انتشرت هذا الانتشار، وعــــدم النكير من المسلمين لا يزيدها صحة لاحتمال أن يكون سكــوتهم عن عدم اطــــلاع منشئها، على تقدير أن منشأها حق فلا يصـــح قبوله من واحد لما فيها من موجب التكفير لقائلها، بل يشترط في قبولها أحد الطرق الأربعة التى تنادي بها موجب البراءة. وهي:
- المشاهدة .
- والإقرار .
- وشهادة العدلين.
- وشهرة الحق.
وما عدا هذه الأربعة الطرق لا يصح قبول موجب البراءة منه، واحترزوا بشهرة الحق عن شهرة الدعوى، وضربوا لذلك مثلا بشهرة الشيعة بالبراءة من الصديق والفــــاروق ونحوهما.
فهذه النونيـــة عن ابن النظر من الشهــرة التي خرجت عن تلك الطرق الأربعة هذا ما ظهر لي والله أعلم. والسلام عليك ورحمة الله والله أعلم "" أ.هــ
ثالثاً :- قال الشيخ سيف بن حمود بن حــــامد البطاشي ، في كتابــــــه الـــرائع ( إتحاف الأعيـــان في تاريخ بعض علماء عمـــان ) الجزء الأول الصفحة 382 الطبعة الثالثة ) ناقلا عن الشيخ محمد بن وصاف رحمه الله الذي جمع ما بقي من كتب ابن النظر وما وجده وجعل عليه شرحا مختصرا سماه الحلل والإصابة فمن قوله ما نصه :
" أما بعد فإني نظرت فيما ألفه أهل العلــــم من الكتب ، وصنفوه من العلــــم والأدب ، ودونوه من الرجز والشعر ، وأثروه من النظم والنثر ، فوجـــــدت كتاب " الدعائم "" المضاف إلى أبي بكر أحمد بن النظر (رحمه الله) .... إلى أن قال: فلما رأيت أن هذاا الكتاب من أجل الكتب، وما فيه من كثرة العلم والأدب ، فقد استولى عليه التبديل والتصحيف وقلب الكلام والتحريف .."
❇وعلق الشيـــخ البطاشي قائلاً :
" ونلاحظ أن الشارح لم يذكر في هذه المقدمة أنه هو الذي جمع شـــــعر ابن النظر ، وسماه كتاب الدعائم ، بل ظاهر كلامه يفيد أن الجامع له غيره وسماه الدعائم ويؤخــذذ ذلك من قوله ( وجدت كتاب الدعائم المضاف إلى أبي بكر أحمد بن النظر ، قد استولىى عليه التبديل والتصحيف) فهذا يدل أن شعــــر ابن النظر قد جمعه غيره وسمـــاه بهذا الأسم ، وأنه تطــرق عليه التبديل والتصحيف فأراد هو أن يتـــلافى ذلك بشرحه للكتاب كما يؤخذ من وصفه هذا أن بينه وبين الشيخ ناظم الدعــــائم زمنا ليس بالقصير) أ.هــ
رابعاً :- من كتاب (فيض المنان في الـــرد على من ادعى قدم القرآن) للإمام السالمي يقــــول ما نصه :
" وقد أشار أبو القاسم البرادي عند شرحه هذه الأبيات إلى إنكـــار تلك النونية عن هذا الإمام حيث يقول في كتاب ( في كتابه : شفاء الحائم على بعضض الدعائم) ما نصه : فيا سبحان الله العظيم من هذا الرجل – مع حذقه وفضـــــله – كيفف نقض هذه القاعدة التي وضعها ها هنا ، وجعلها هنا أسّاً وأصلاً يعتمد عليه ، واحتج بها على القدري وناظره بها وتأول إليها قوله تعالى ما جعل الله من بحيرة ولا سائبة وقال : (( قلت : جعل الله خلق كله )) ثم خالف إلى غيرها في القصيدة النونية أيكون مثله يطرأ عليه هذا التناقض ؟ فلعل القصيدة النونية كتبت عليه ودست في كتابه ،، والله أعلم )
هذا كلامه هنا ، ولم أقف على شرحه لتلك النونية لتعذر وجوده ، لكن أخبرني شيخنا الهاشمي - رحمة الله – وقد وقف عليه بأن هذا الشارح قد أنكر نسبة هذه النونية إلى هذا الإمام من طريق آخر هو اختــــــلاف لهجة نظمها عن لهجة نظمه وقال فيه : (( إنها شعر فصيح لا شعر عالم).
وساق هنالك مراثي يستدل بها على الفرق بين شعر الشاعر وشعر العالم وشعر الفصيح ، وقد صدرت منا في إنكار نسبتها إليه رسائل - جعلها الله إلى رضــــــــوانه من أعظم الوسائل – ثم أن شيخنا وأخانا سعيد بن حمد الراشدي أسعده الله وحمد صنيعه قد تكفل لنا بردّ شبهة تلك النونية حيث عرضها بنونية أخرى – جعل الله بسببها حسنةً في الدنيا وحسنة في الأخرى – راجع مقدمة روض البيان على فيض المنان للإمام السالمي .
خامساً:- أن قطب الأئمـــة رحمه الله ينفي نسبتها لابن النظر كما في شرحه ديوان الدعائم الجزء الأول الصفحة 224 فليراجع العقلاء ذلك.
وسوف أخبرك عن عـــوارض نسبة النونية لابن النضـر العماني رحمه الله وهي :
أولا : - أن ابن النضر رحمه الله مات مقتولاً قتله خردلة الجبار وقـــــام بحرق كتبه وهذه القصة متفق عليها من قبل جميع المصادر الإباضيـــة فيحتمل أن القصيدة قد قام بدسها خردلة الجبار أو أمر بذلك سيما وهو يريد الانتقام وبث الفرقة بين علمـــاء أهل الحـــــق والاستقــــــامة الذين يبرؤون منه حيث كانت قضـــية شائكة بين الأمـــة ولها صدى كبير ، وأهل الحق متفقون أن كتاب الله وحيه وتنزيله ، فكيف يستسيغ العقل أن يقوم هذا العالم الفذ بتكفير القائلين وهم لم يتفقوا على المسألة ؟! وكيف لا يسعه السكوت كما سكت من قبله ؟! فـــــــإن عرفت ذلك فلا تغفل عن الصراع بين ملوك النباهنـــــة والمعـــروف عنهم بالجبـــــابرة وبين مشـــــايخ الدعــــوة .
ثانيا:- أن القصيدة هذه على خلاف القصائد الأخرى التي قالها في المواعـــظ والحكم والإلهيات ، ولا يوجد إلا نسخة واحدة عن القصيدة.
ثالثاً :-إن قضية خلق القرآن كادت أن تحسم في عمان وقد حسمت بالقول بأن القرآن مخلوق عند مدرسة المشارقة في القرن السابع الهجري وابن النظر في القرن السادس الهجري ، فالتقارب الزمني كاد أن ينهي الصراع حول هذه القضية .
رابعا :-أن المنظومة وجدت ضمن ديوانه الذي شــــرحه الشيخ محمد بن وصــاف في كتابه (الحل والإصابة) وهو أول شرح لديوان الدعائم في القرن السابع الهجري . راجع الحل والإصابة ، ابن وصّاف ج1،ص5. وزارة التراث والثقافة .
خامسا :-ومما تجدر الإشارة إليه أن مسألة خلق القرآن لم تناقش بعد القــــرن الثالث الهجري ولم ينقل أن هناك حراكا عند العلماء حـــــول هذه القضية.
خاتمــــة الـــــرد والجواب:
أن النونية منسوبة لابن النضر وليست صحيحة ولا مطعن ولا مغمز فيها للحشوية، وليس لهم فيها حجة ولا بيان ولله المنة .
كتبه الفقير لرحمة ربه وعـــونه :
(أنصـــار الحـــق )